لا تزال ذكراه في كل مكان،محفورة في عاشوراء،سطورها لن يمحوها أحد،وكيف يمكن محو من جسد دورا أبدع فيه،وأعطاه كل ما أوتيه من قوى لكي يتقمصه بصلابة،إنه أحمد بصار،الشخصية التي شغلت الكثيرين،والتي كانت محط تحليل كثر من جيل اليوم،لما كانت تحملها من صلابة ومتانه،وفكاهة في آن،لم يكن سهلا على أحمد بصار الذي يبتعد عن عاشوراء وهو الذي واكبها منذ إنطلاقتها في العام 1970،ولكن المرض أرقده في فراشه وأبعده عن روحه،بيد أن روحه اليوم حاضرة في هذه الذكرى،تتابع وتراقب عن كثب،تلك الروح الذي يشعر بها كل من أحب بصار...
ثلاث سنوات مرّت على رحيل الحاج أحمد بصار،عن الحياة،وعن تجسيد دور لطالما كان روحه الذي يتنفس بها،دور الامام الحسين في عاشوراء،فكان الشخصية التي جذبت الصغار قبل الكبار،كان قوي العزيمة،محبب،كريم النفس خلوق،صاحب فكاهة وشخصيته فذة،أبدع في عمله،الذي لم يفارق الا بسبب المرض،ثلاث سنوات وعاشوراء تفتقد عامودها الفقري الذي كان من مؤسسيها،أحمد بصار الشاب الكفررماني،الذي لم يترك فرصة إلا وخدم فيها أهل بلدته،كان عصامي مكافح،تنقل بين الغرب والبلدة،إستقر به حال العمل في مصبغه،ومن هنا تبدأ الحكاية الذي يحاول كل من كمال ضاهر وعاطف أبو زيد أن يسلطوا الضوء عليها،لكي يعرف جيل اليوم من هو أحمد بصار...
تكاد أن تنهمر الدموع من عيون كمال ضاهر التي تآكلها التجاعيد،وهو يتحدث عن أحمد بصار الذي"جسد دور الامام الحسين بكل صلابة وقوة،كنا نرى فيه الروح الحسينية التي كانت تنبع منه حين يتحدث،ويخاطب،كان شكله يوحي بقوة شخصيته التي تبعث الروح النورانية،كلامه وحركته،كنت أشعر بإيمانه وروحانيته،عاشوراء بالنسبة الى أحمد بصار كانت روحه ونبضه،فهو لم يجد نفسه الا داخلها،لأنها كانت طريقه نحو الحرية التي يطوق اليها،كل من يعشق الخط الحسيني،وهذا الطريق الذي سلكه بصار الى أن وافته المنيه....كان إنسان محبوبا من الكل،ذو هضامة واسعة،لا تفارق ثغره الضحكة،ولا كلامه النكتة،يرمي التحية على الصغير قبل الكبير،كانت كلماته تسقط في الجرح فتطيبه وتداويه،لم تفارقه حتى أثناء تدريبات العمل يقول ضاهر" في خضم الانسجام كان يعبر الى النهفة"..وأحمد بصار كان أول من جسد دور الامام الحسين في تمثيلية عاشوراء عام 1971،لم ينقطع عن الدور طيلة أربعون عاما،حتى السفر والحرب لم يحولا دون ذلك،بل يعود الى كفررمان أثناء عاشوراء،التي تركها بعد أن توعك صحيا،وترك في نفوس الكفررمانين،حسرة وشوقا عن شخص لطالما كانوا يرون عبره الامام الحسين،يتوقف عاطف أبو زيد الذي كان يجسد "دور الشمر"قليلا وكأنه يريد أن يستجمع الذاكرة وهو يتحدث عن أحمد بصار" كان قوي الشخصية،جسد دوره بثقة،كان يملك صوتا شجيا،كنت حين أراه أبكي،فكان يقوم بدوره ببراعة،صوتا وأداء،فعلا كان قريب من الامام الحسين،حتى أننا كنا عائلة واحدة،خسارة كبيرة أحمد بصار...
حال المرض بينه وبين التمثيل إذ وخلال رحلة الحج الأخيرة التي قام بها أصيب بجرح في قدمه،اجريت له على أثره عملية خسر قدمه،وكانت صدمة كبير في نفس بصار الذي لم يتوان يوما عن المشاركة في عمل أحبه وعاشه في قلبه،يقول ضاهر"كان أحمد بصار ينظر الينا بنظرات ثاقبة ونحن نتدرب،كنا نلمس الحسرة في قلبه،فهو الذي إعتاد أن يقوم بدور الامام الحسين طيلة 40 عاما،كان يحاول أن يخفي ألمه،الذي يكشفه الدمع الذي يغرور في عينه،حاولنا أن نكون جنبه دوما، كنا نحضره الى النادي ليتابعنا،"كان يراقبنا بعيونه المثقلة بوجع فراق عمل أحبه من كل قلبه..ويعلق أبو زيد" كنا لا نعرف أن نبدأ التمرين دون أن يكون معنا،ولكن كان يصعب عليه رؤية أخر يجسد دور هو أسسه،كان إنسان..مبدع..ورسول عبرة يجب أن يتعظ منها الكل....قبل ثلاث سنوات انقطع بصار عن عاشوراء وفي العام الماضي رحل عن الحياة تاركا وراءه تاريخا لن يمحو ذكره الشباب الذي يسير على خطاه.
صدى كفررمان
هناك تعليق واحد:
جميل ان نذكر من كانوا لنا قدوة و جميل ان تعرف هذه الاجيال اليافعة هؤلاء العظام سلمت يداك و زادك معرفة لتعرفينا بها
إرسال تعليق