6‏/11‏/2010

كفررمان تقفل محال "دلفري أركيلة" في خطوة فريدة



رنا جوني صدى البلد عدد نهار السبت 6-11-2010
لم يكن في وارد حسن ،ان تقفل "دلفري النرجيلة" يوما،وهي الأكثر طلبا وربحا،والوحيدة التي لا تتأثر بالأزمة الإقتصادية،لانها "فشة خلق الكل وبتعبي الراس"،وعلي إبن الثالثة عشر عاما ترك المدرسة والتحق في عمل في محل دلفري أركيلة في كفررمان "أسهل من الدرس،فيها متعة بالعمل"،غير إبه بمضارها ولا بإنعكاساتها السلبية علي حياته وحياة كل جيله،في محله الذي يعمل فيه يقف يحضر النرجيلة والفحم ويجهز "الرأس" بالمعسل،فجأة يتذكر أنه لن يخرج الى عمله،وليس هناك إتصالات تطلب دلفري أركيلة"،"البلدية أصدرت قرار بإففال محال الدلفري"،يسكت ثم يقول "يعني توقف عملي،اثار الامر قلقي،لاننا لم نعتد التزام النظام، ولكن حلو النظام".
ينغلق شباب اليوم داخل شرنقة "النرجيلة" يمضي معظم وقته في شربها،وهذا أمر مثير للجدل في زمن بدا فيه كل شيئ مستباح خاصة مع إستفحال آفة المخدرات،التي بدأت تروج عبرها، أولاد لا تتجاوز أعمارهم ال13 سنة يعملون داخل محال "دلفري أركيلة" يلبون طلبات الزبائن،ويوزعونها على دراجات نارية الى المنازل،حتى ساعات متأخرة من الليل،وما يرافقها من صخب وضجيج،صراخ وضحك،و"نرجيلة بتعبي الراس"،شباب يجلسون على حافة الطريق يستلذون بها،فجأة تبدل المشهد محال "دلفري أركيلة"مقفلة،نتيجة القرار الجريئ التي إتخذته بلدية كفررمان القاضي بإقفال كل "المحال الدلفري أركيلة" الغير مرخص لها،مع تحديد ساعات الأنترنت،بحيث يمنع دخول تحت سن 18 اليها مع تنظيمها ومراقبتها، قرار هو الاول في لبنان إذ يهدف الى نشر ثقافة جديدة في المجتمع بعيدا عن ثقافة "النرجيلة الفارغة"، التي تقض مضاجع عقول الشباب،وتفتك بها،وتحولها الى عاطلة عن التفكير،حسب قول يوسف" كنت ارى اولاد يجلسون داخل تلك المحال يدخنون النرجيلة بشغف،وكأن هناك شيئ داخلها يجعلك تدمن عليها،ولا تفكر بشيئ غيرها ،وحين كانو يتأهبون ليذهبوا كان يبدو عليهم الغثيان والدوخة،وكأنهم سيقعون أرضا"، بالمقابل تقر سهى "لا اثق بدلفري النرجيلة" تقول سهى"شو عرفنا انو اما حاطلنا شي فيها،نسمع كثيرا عن الامر من أنه يتم خلطها بحبوب مخدرة وما شابه"،وترى جنان القرار "خطوة جرئية وفريدة وسباقة قامت بها البلدية،لم نعد نرى اولاد يتجمعون أمامها ويشربونها ولا يوزعونها،ولكنها في الوقت عينه تعتبر ان هذه مسؤولية الأهل وليس البلدية" يقاطعها حسن "ليس المهم على من تقع المسؤولية،المهم ان نبدأ بأول خطوة خاصة وان لا شي يضمن ان لا تروج المخدرات داخلها او اي مواد أخرى"،في حين يأمل سهيل "أن تنعدي القرى لاول مرة بعدوى إيجابيه وتتجرأ على اتخاذ قرار مماثل لنصل يوما الى مجتمع واعي".
ربما يكون قرار اقفال محال دلفري نرجيلة في كفررمان سباحة عكس التيار،ولكن ينبغى ان نكون مثل "دون كي شوت" من اجل الكفاح للخروج من الافات،يقول رئيس بلدية كفررمان كمال غبريس "لأن انجازات المستقبل تنطلق من عقل وقلب الانسان،فعندما يجري تحطيم عقله بالمخدر او الادمان على نرجيلة،فانها تقضي على المستقبل،ولهذا الامر يخطئ من يعتقد ان اقفال محال "النرجيلة دلفري" مجحف،"نعرف أن بعض الناس تعتاش من الامر ،ولكن كيف يمكن أن يعتاش الفرد على حساب ضرر الاخر،أضف الى أننا" لا نقبل أن يكون هناك حالة رخاء عند جيل نأمل أن يكون الجيل الذي سيؤسس للمستقبل المزدهر من هنا نهدف الى حفاظ على شبابنا وعدم الانجرار وراء الفلتان الذي يزيل المجتمع"


من البعيد يستوقفك مشهد صاحب محال دلفري نرجيلة،يتفقده،"لا نراة ولا نرجيلة من اليوم،ولا إتصالات تطلب دلفري،ولا أولاد سيعملون او يتلهون بها" يقول غازي نور الدين ،"قد اكون تفاجأت بالقرار ولكنني وجدته صائبا،اذ لا يعقل ان نعتاش على حساب تدمير صحة الاخرين"وهذا أمر يشدد عليه غبريس "كيف يعقل أن يعتاش البعض على حساب فتك صحة الأخرين". هناك دراسة تشير الى أن "المعسّل يحتوي على مواد كيمائيّة شديدة الخطورة [عسل أسوَد, جليسرين ..., معادن ثقيلة و سموم فطريّة] أثبتت علاقتها بسرطانات الكبد والكلى والشفاه .... وقد تبيّن من خلال الدراسة أن التبغ يحتوي على نسبة كبيرة من "المبيد" كيماوي "د.د.ت." بنسبة مرتفعة [10.5 ملغ \ كلغ] إضافة إلى أكثر من 140 ملغ من المعادن الثقيلة، وكميّة كبيرة من السموم في كل كيلوغرام،و"النرجيلة تعد سببا في سرطان الشفاه إذ أن الإحتراق يؤدّي إلى تقرّحات شديدة تصيب النسيج الحرشفي للشفّة السفليّة التي تغيّر لونها وتتورّم،وهذه الحالة لا يتمّ علاجها لصعوبة إعادة بناء الأنسجة من جديد بعد استئصال الورم.
إذا يكتسي قرار البلدية طابعا في غاية الأهمية،إذ يركز على مشكلة خطيرة لها تأثيرات جانبية مستقبلية،على كافة الصعد،ويضع حد لاحتلال من نوع جديد "الاحتلال الخفي للانسان"، عبر تشويش افكاره وهتك عقله عبر النرجيلة،ويمهد لإعادة خلق روحية التفكير بالمستقبل،إذ يقول غبريس "ينبغي علينا إنبات الاوراق الجديدة في شجرة الحياة "وهم الشباب" في مواجهة شياطين "النرجيلة" وأن تصبح تلك الأوراق اليد الطولى نحو تحقيق أهداف ومشاريع تصبو اليها،عبر أيجاد الكثير من مراكز الاشعاع كي لا ينغلق الشباب في زاوية النرجيلة أو النت،إذ سنعمل على تدعيم مراكز الرياضة في البلدة وتحفيز المطالعة والنشاطات الفكرية المتعددة لاننا بحاجة الى جيل واع ونسيج اجتماعي حضاري.

هناك تعليق واحد:

samia يقول...

تحية لبلدية كفر رمان من مدينة الحسيمة بالمغرب ...حقا هنا تحقق مبدا مفاده من هو قادر على التغيير يصبح اليا مسؤولا عن التغيير...وجلي واضح ان تقدم الامم او تخلفها نابع من علل وعوامل داخلية تعود في الاغلب الى سلوك افرادها ...سلوكاتنا هذه هي التي تعطي الاستعداد والقابلية للتاثيرات الخارجية...انها خطوة ذكية صحيحة لتنظيف الشباب من السموم التي ملات اجسامهم وابعدتهم عن حقيقتهم الروحية وكينونتهم ...خطوة نحو تحرير العقل