25‏/8‏/2010

شباب كفررمان:قدها وقدود

في بلدة كفرمان الجنوبية، عرفت البلدية كيف تستثمر طاقات شبابها من طلاب يقضون إجازتهم الصيفية في ربوع قريتهم. فقد تطوّع خمسون شاباً وشابّة لإجراء مسح سكاني ديموغرافي ضمن مشروع أنجز خلال خمسة أيام لحساب البلدية. خطوة فريدة على صعيد منطقة النبطية

مايا ياغي
تحدٍّ بارز نجح في تخطّيه خمسون جامعياً، طلاباً وطالبات، من بلدة كفرمان، حيث برهنوا عن سرعة متميّزة في إنجاز مشروع قد يحتاج إنجازه في الأحوال العادية لشهور كاملة لو قامت به شركة متخصصة. فقد نجحوا في إنجاز مسح سكاني يدرس واقع السكان في البلدة من كل الجوانب الحياتية، ويهدف إلى تحصيل بطاقة إلكترونية لكل مواطن، تضمّ معلومات وبيانات عنه، ضمن مشروع تقوم به البلدية. الإيمان بقدرات الشباب هو اللافت في الخطوة التي قامت بها بلدية كفرمان، في ظل لجوء غيرها إلى شركات خاصة أو متعهدين للقيام بأي دراسة صغيرة. أما التجاوب السريع من الشباب، فقد أعطى صورة واضحة لجدية هؤلاء والتزامهم في تحمل مسؤولية عامة. تجربة أتاحت للبلدية استثمار طاقاتهم كما أتاحت لهم اكتشاف واقع بلدتهم وأحوالها.
سحبت البلدية خريطة لبلدة كفرمان من موقع «غوغل إرث»، جرى تكبيرها وتقسيمها إلى سبعة عشر قطاعاً، كما قُسّم الشباب إلى فرق تتولى كل منها قطاعات عدة، بعد إعداد استمارات تدرس واقع الأسر في كفرمان، من كل النواحي الحياتية، عدد الأفراد، سنوات الدراسة، العمل، ذوي الاحتياجات الخاصة، الواقع الاقتصادي، ما فتح الباب أمام هؤلاء الشباب للتعرف إلى أهل بلدتهم عن كثب. أحدهم، علي عباس، يعتبر «الإحصاء خطوة على درب التوغل في حياة أهلنا، حيث تعرفنا إلى الفقراء، إلى طريقة عيشهم ويومياتهم، وأحسسنا بواجب ومسؤولية تجاههم حفّزتنا في محاولة مساعدتهم بكل الإمكانات المتاحة». زينب درويش ترى في الإحصاء الممر الذي أتاح لها ولزملائها «الدخول إلى الحياة العمرانية والزراعية والاقتصادية لأهل البلدة، فقد كنا نجهل الواقع التي تعيشيه البلدة، ورغم أن المسح ديموغرافي، إلا أننا تعرفنا عبره إلى الواقع الاقتصادي والصحي لبلدتنا، فسجلنا مثلاً نسبة المعوقين ونسبة الأمراض المزمنة والمتعلمين في البلدة».
إيجابيات كثيرة نتجت مما قام به الشباب، فتحت الباب لإضافة أهداف أخرى إلى النتائج المرجوة من المشروع، حيث صنّفت طاقات البلدة العلمية من أطباء ومهندسين ومحامين وباقي الشهادات الجامعية التي يحملها أهلها، ما سيسهّل على البلدية من الآن فصاعداً عملها في استثمار قدرات شبابها، بدل أن تستورد طاقات من خارج البلدة. إلى ذلك، أُحصيت عائلات كثيرة تحتاج لدعم مادي، ما يستلزم وقوف البلدية إلى جانبهم ودعمهم. ولم يقتصر المشروع على إجراء البحث والدراسة، بل جرت عملية جباية «ضريبة المسقفات» عن سنة 2010 من كل بيوت كفرمان من دون استثناء، حتى أسر العمال السوريين والمستأجرين في بلدة كفرمان، كلهم كانوا قيد الدراسة، تحسباً لأي طارئ يحدث، ما يتيح للبلدية سهولة التواصل والتعامل معهم.
لا يخفي حيدر أبو زيد أهمية الإحصاء لكل بلدة في المنطقة، إذ «لا يعقل أن نكون في عصر المعلوماتية والتكنولوجيا المتطورة، ولا نملك نسبة دقيقة عن السكان، ولا عن الحالات المرضية في كل بلدة، كما نجهل الواقع الاقتصادي لكل منها، وهذا الإحصاء يجب أن يكون الخطوة الأولى في مشروع يجب أن تقوم به كل بلديات المنطقة، لتكون سباقة في تحسين واقع بلدات الجنوب». حتى الآن، لم تحصل عملية فرز نتائج الاستمارات، إلا أنها ستكون الخطوة المقبلة فور انتهاء مرحلة البحث العملية، ليبدأ العمل بعدها بطريقة علمية ممنهجة حسب احتياجات البلدة وأهلها وشبابها.



--------------------------------------------------------------------------------

تجربة مثمرة للطرفين

خرج شباب كفرمان من تجربة التعاون مع البلدية في تنفيذ المسح السكاني لبلدتهم بانطباعات شديدة الإيجابية، فبينما «كنا نجهل واقعنا العلمي في البلدة، أصبحنا نعرفه الآن، ما سيتيح لنا لاحقاً التعاون مع البلدية لتنفيذ مشاريع شبابية تناسبه»، تقول داليدا محيدلي. كذلك، رأى رئيس البلدية كمال غبريس أن «التعاون مع القدرات الشابة هو الأول من نوعه في المنطقة، إضافة إلى تميز المشروع الذي ساعد هؤلاء الشباب الذين نفخر بهم، في إنجازه، فهو يسهل علينا عملنا كبلدية نريدها أن تكون للمواطن ولخدمته»، بينما اعتبره المشرف عليه، المهندس رشدي نجدي بمثابة «الخطوة الأولى في طريق نجاح البلدية»، مثنياً على «أهمية استثمار الطاقات الشابة من خلاله».

قرى الجنوب في فضاء الفايسبوك


أخيراً، تكاثر تبعثر القرى الجنوبية على الفايسبوك. بعض المشتركين يبحثون عن آلية سهلة للتواصل مع قراهم، وبعضهم الآخر يريد مساحة لصوته. الجميع يجد ضالته على الفايسبوك!

مايا ياغي
«كفرصير قطعة سما». «صدى كفرمان». «صير الغربية». «يحمر الشقيف ــــ النبطية»، «ميفدون». «بلدة الطيبة العاملية». «عيناتا منبع الشعراء والعلماء». وتتوالى أسماء القرى الجنوبية على الفايسبوك. كأنها كانت مفقودة على الخارطة، وجاءت الشبكة العنكبوتية، ليعلن أهلها عن وجودها. العبارات مشتركة داخل المجموعات، والجميع يرى أن قريته أجمل القرى. أمام هذه الطفرة، في عدد القرى، وتنوع الألقاب، تسأل نفسك: هل كانت هذه المناطق مجهولة سابقاً؟ الإجابة صعبة، فقد أصبحت شبكة الإنترنت صلة الوصل بين أبناء الضيعة أنفسهم. هناك مقيم وهناك مغترب. هناك قاطن في الضيعة وهناك نازح إلى بيروت. والفايسبوك، حتى في الجنوب المحافظ ـــــ نوعاً ما ـــــ وسيلة اتصال ضرورية.
تتنوع طرق الاتصال، وتختلف كما تختلف طبيعة أهل المدن وأهل الريف. أحد أفراد مجموعة «كفرصير قطعة سما» مثلاً، يلصق على حائط المجموعة حزورة رمضانية يومية، يتنافس على حلها أربعمئة وأربعون مشتركاً، معظمهم من بلدة كفرصير والقرى المجاورة. الجائزة ليست عادية! فمن يعرف الإجابة الصحيحة، توضع صورته الشخصية على بروفايل (الصفحة الرئيسية) مجموعة القرية. تتفاعل الكثير من الكتابات على حائط الصفحة (The wall) مع الأحداث اليومية. عيسى ضحوي أحد هؤلاء المشاركين، يوجه سؤالاً لوزير الطاقة: «يا حضرة الوزير! أهل بيروت الإدارية شو بيفرقوا عن أهل الجنوب أو الشمال أو الجبل؟ يعني إبن بيروت الإدارية بيدفع ضريبتوا كاملة؟ ونحنا منقسطا؟ أبسط حقوقي أنو إفطر على ضوّ، معليش بدي إسألك شي مرّة إبنك انقطعت عنّو الكهربا؟ إيه نحنا ربينا عالعتمة ...» تأتيه الإجابة، لكن من مواطن آخر، هو محمد علي، باللغة العربية وبحروف لاتينية: «الفرق بين أهل الجنوب وأهل بيروت، إنو بيعلقوا خطوط، وبيوقفوا ساعات وبيقصوا شرايط أساسية وبيبعوها نحاس» واضعاً اللوم على المواطن الجنوبي. ثمة نقاش إذاً. وفي السياق نفسه، تتخذ مجموعة «صدى كفرمان» صيغة رسمية. يتابع الشباب فيها أعمال البلدية وما تقوم به من نشاطات، إضافة إلى الأحداث التي تجري في كفرمان أخيراً، من المسح السكاني الذي أجراه شباب البلدة بالتعاون مع البلدية، والعشاء التراثي الذي أقيم لمغتربي لبنان، والدورات الرياضية التي تقام طيلة فصل الصيف. وبعيداً عن الرسميّات، يكتب المغترب جعفر أبو زيد كلمات لضيعته على صفحتها الرقمية، يعتبرها فيها «عينة من عينات التنوع الطائفي والحزبي في لبنان». طبعاً، لا يستند جعفر إلى أرقام أو إلى إحصاءات دقيقة، لكنه يجد في المجموعة مكاناً مناسباً لتسجيل موقف سياسي. وعلى عكس «الكفرّمانيين»، الذين تركز تعليقاتهم على العمل البلدي الرسمي، تبرز مجموعة بلدة ميفدون كهايد بارك مستقل تماماً. يتفاعل زوارها من أبناء البلدة مع الأحداث والمجريات المحلية وحتى العالمية. يعلقون على كل شاردة وواردة. اللافت، هو انحسار عدد الصبايا إلى حد كبير في ميفدون، لحساب ذكور اهتماماتهم غريبة أحياناً، فسامي نصر الدين مثلاً، اختار صورة قديمة جداً لبعض شيوخ البلدة على أن يحزر الزائرون من هم من في الصورة. «هيدا جدو لبيّ، وهيدا المرحوم الحاج أبو تنال، المرحوم جدّي أبو حسن، الحج رشيد إرطيل، إلخ). وهناك تعليقات «إقليمية» أيضاً. يكتب علي جابر، أحد الأعضاء، عن القضية الفلسطينية: «ما أشبه القضية الفلسطينية بالمحاصيل الزراعية: زرعتها أوروبا، قطفتها أميركا، لفتها الأمم المتحدة، وأحرقتها إسرائيل»، فيما يسجّل دانيال موعد زيارته إلى لبنان، فيعلق نادر توبة بسخرية عن اختيار فندق في ميفدون: «أوتيل البركة مع جناح خاص مطفى بالحامض والثوم، إذا ما في أجعاز». وفي موازاة هذا التعلق الفطري لأبناء القرى بقراهم، يعرّف أبناء بلدة صير الغربية قريتهم بأنها «من القرى التي كانت تعتبر نائية نسبياً عن المحور إذ لا يصلها إلا من يقصدها مباشرة، فهي لا تتصل بغيرها، وكأنها تعيش في عزلة». فكّت


❞القصص هناك ضائعة بين حكايا الزيتونة وثورة الاتصالات
❝الصفحة الإلكترونية العزلة التي تعيشها القرية، وانفتح أبناؤها من خلال هذا العالم الافتراضي على العالم الحقيقي الواقعي! امتزجت الكتابات على حائط الصفحة بروح فكاهية مفرطة ومرح واضح، بين أعضاء يبلغ عددهم حوالى ثلاثمئة وثلاثة وثمانين عضواً يتبادلون النكات. يكتب علي فواز: «مرة واحد إجا عاصير، قام رجع كوكتيل»، وتكتب نرجس معتوق: « آدم... هو الرجل الوحيد الذي التقى بحواء... من دون أن يبادرها بالسؤال التقليدي: ألم أتشرف أيتها السيدة بمقابلتك قبل هذه المرة؟». في المحصلة، يمكن تصنيف هذه التجارب اليومية في خانة المبادرات الشبابية، التي تسعى إلى المزج بين الحياة القروية العادية، وحياة متخمة بضجيج الإيقاع المديني. هكذا، يسعى هؤلاء الشباب إلى قتل مللهم في عالم افتراضي، ربما يكون بعيداً عن واقع الدقائق التي يعيشونها عملياً. الفايسبوك، مساحة لقول الأشياء، على الأقل بين بعضهم بعضاً، لتصبح متنفساً. المجموعات الإلكترونية على الفايسبوك، والتي أنشأها هؤلاء الشبان الجنوبيون، ما زالت بلا هوية واضحة المعالم. القصص هناك ضائعة بين حكايا الزيتونة القديمة من جهة، وثورة الاتصال والتواصل من جهة أخرى.



--------------------------------------------------------------------------------

«مونديال» كفرصير للمغتربين

تتميز مجموعة كفرصير بالمتابعة الدائمة لكل ما يجري في البلدة من خلال الصور أو الفيديو، ما يسمح للمغتربين الذين لم يروا قريتهم منذ زمن الاطلاع على أخبارها، حيث توضع صور للمناسبات التي تجري في كفرصير، مثل متابعة مونديال 2010 في البلدة، أو العرس القروي والعشاء التراثي إلى الكزدورة المسائية وشيوخ الضيعة. هكذا، يستغل الجنوبيون هذه الوسائط الرقمية لتفادي وسائل الاتصال المكلفة.

21‏/8‏/2010

نبع شقحا يتدفق بعد نضوب 50 عاما

النبطية ـ «السفير
كان أهالي كفررمان مساء أمس الأول على موعد مع بشرى سارة في زمن الشح الذي أصاب قرى النبطية وبلداتها. فبعد حوالى خمسين عاماً على نضوبه، تفجر نهر شقحا في البلدة إثر أعمال الحفر التي نفذتها البلدية بناء على تأكيد احد الخبراء الجيولوجيين وجود المياه على عمق حوالى عشرة أمتار. وأعلن رئيس بلدية كفرمان كمال غبريس عن تدفق نبع الشقحا من جديد، بعدما كان يروي نصف حقول سهل المئذنة قبل خمسين عاماً، كما كان مصدر ثروة سمكية متواضعة للأهالي. وأوضح غبريس أن النبع سيعيد كفرمان إلى الخريطة، مؤكداً أنه تمت تسميته «نهر الإمام المهدي». ولفت غبريس إلى أن البلدية ستعمل على جر المياه إلى خزان كبير تشيده في تلة الطهرة.
وانتشر خبر تفجر النهر بسرعة في البلدة حيث تهافت الاهالي الى شقحا قرب سهل الميدنه غير مصدقين ليراقبوا الآليات وهي تستكمل عملها، شاكرين الله على هذه النعمة في زمن القيظ وانقطاع الكهرباء. ويتمتم أبو يوسف «الحمد الله، أخيرا سننعم بالمياه، لم أكن أتوقع أن يتفجر نهر شقحا مجددا، خصوصاً انه جف رغم ان مياهه كانت تصل إلى عين الحمى والنبعة». بدوره، يقف إبراهيم أمام النبع المتفجر ويستعيد ذكرياته «زمان كان النبع لا يشح، وكانت مياهه تتدفق صيفا شتاء وهي مياه صالحة للشرب، وكنا نقصده للترويح عن النفس من تعب الحراثة والعمل بالأرض، فكان الفلاحون يسحبون مياهه عبر ألأقنية إلى سهل الميدنة لري حوالى نصف أراضيه.
ونحر اهالي كفررمان الخراف ووزعوا لحومها احتفالاً بتفــجر النبع.