29‏/1‏/2011

عاشق الكلمة الناطقة بالروح

يحفر بالكلمة تاريخ الحاضر،بنفس كفررماني ،يصب ثقافته في بوتقة الكلمة فتنصهر مع أفكاره،تخرج قصيدة هي روح جميل معلم،الشاعر الذي ولد في كفررمان عام 1975،في بيت فلاحي متواضع،إذ ترعرع في كنف الحقل،وتعلم كيف يترجم شعورها بكلمة،فولدت قصائد آرخّت لمسيرة شاب لم يجد سوى الشعر طريقا ليعبر عن هواجس يكتنزها من انحلال الواقع الثقافي اليوم.



يقف معلم عند عتبة الماضي يقرأ في كتابها ما خطه ورسمه من كلمات،لم يخزن منها سوى ذكريات وشوق لها،يتامل تلك النافذة يستشرف أفاقها،يحاول أن يفك خيوطها،التي تشبه خيوط الحياة بكل الوانها،يستذكر "عصفورة الوادي" "هي أول خاطرة دونتها في دفتر حياتي الشعرية كنت في الثانية عشر من العمر،خاطبت فيها "العصفورة التي شدتني اليها..للأسف ضاعت بفعل التنقل والتهجير،لم يكن يراودنا أهمية التوثيق..ولكن هذا ما دفعني اليوم لكي أحفظ كل ما تكتبه أبنتي ليشكلو إرثها للمستقبل.


فجًر عشقه لوالدته وتألمه مع عذابتها، نهر من مشاعر أفاض بها بشعره الذي رهن حياته له،وركب في قطاره يحاول أن يعيد الشعر الى سكته الاصيلة التي إنحرف عنها،إذ "يقف الشعر اليوم في واد والثقافة في واد، بينها هوة كبيرة ،تكاد لا تجتمع لان الشعر يعيش أزمة ثقة بينه وبين المعاني" يقول جميل معلم الشاعر الذي بدأ في خط كلمات متواضعة حين كان في عمر ال12 سنه ولكن كان لها وما زال الاثر البالغ في نفسه.
يهوى المطالعة يملك مكتبة كبرى في منزله تحوي مختلف أنواع الكتب"منذ صغري أشتري الكتب،"كنت شديد التعلق بالمطالعة التي غذت عقلي بالثقافة، فولًدت الكلمات خواطر شعرية نثرية،وهذه كانت الخطوة التي مكنتا انا ورفاقي في المدرسة من إصدار "منبر التلميذ" التي سرعان ما توقفت بسبب الصرعات الحزبية التي كانت عائمة في فترة الثمانينات" .

تلمس بين كلماته الحنين والشوق لارتقاء الكلمات الى منارة العشق لأن "الكتابة تشعرك بتميزك عن غيرك،ترتقي بك الى مرتبة لا يصل اليها الا كل عاشق للقراءة والثقافة"، في المرحلة الثانوية بدأ بكتابة القصائد،" العام 1996 الفت أول مجموعة شعرية "وشم البرق"،وتوالت معها القصائد الشعرية التي جسدت روحه إذ يقول"كل المفردات هي "أنا"،الموهبة نميتها بالمطالعة فالثقافة تصل بك للابداع ،لأنك اذا لم تثقف نفسك لا تتطور"،مثًل معلم الثورة في كتابته فتعددت القصائد التي حاكى فيها الثورة، لانه كما يقول "من المهم أن يثور الانسان فحاولت قدر المستطاع أن أكون ثارا،لأن الحرية والتمتع بروحها،إيمان بالثورة،لأنه مجرد أن يحلم الانسان يتغير الواقع الثائر.


تأثر بالمتنبي الذي يقرأه مرة كل سنة،وبميخائيل نعيمة ومارون عبود وتوفيق يوسف عواد "كما وأنني تأثرت بأحلام مستغانمة لأنها تكتب الرواية بلغة شعرية وشاعرية فأنا شديد التآثر بها وقد تكون هي من حرضني على كتابة النثر"


في جعبته العديد من القصائد والمجموعات الشعرية التي حفظ فيها تاريخ كفررمان والحب والقضية والثورة حتى أنه خلد فيها مشاعر الحنين لفقدان الاحبة ثلاث مجموعات شعرية هي رصيده الشعري "وشم البرق "1996 عن رشاد برس،"وجهي البيلسان 1998 عن مكتبة بيسان،في عينيك سر صلاتي 2004 عن دار الفكر المعاصر،وهناك مجموعة قيد الطبع"لعينك هذا المدى كما و له مجموعة قصصية ونصوص تاملية، "تنطلق من وصف مشهد موقف ما، لا يقف عن حدود المشهدية بل تتعمق لتستخلص منه فكرة فلسفية أعمق وأبعد مما ترى العين أو يدرك السمع تربط بين البصر والبصيرة السمع والادراك لتستخلص دروس وعبر وأفكار ومواقف وهذا نابع من عمق العلاقة الوجدانية التي تربط الكاتب بالمشاهد"يقول معلم.


لم تغب كفررمان عن قصائده "بل حضرت كما أمي والقضية ولبنان،كانوا أجزاء متكاملة كلهم شكلوا شخصيتي،روحي،هدفي،حلمي،طموحي لذلك كل القصائد التي كتبتها لأمي ولأرضي ولكفررمان كلها كانت داخل كفررمان..أول قصيدة كتبتها كان لكفررمان شأن فيها.


يجاري معلم اليوم التطور في كتابته عن طريق إعتماده الشعر المصور والمحكي "لتكون أبلغ في إيصال الكلمة في نفس المتلقي،لذا فالمجموعة الشعرية الجديدة سأرفقها ب cd لمواكبة العصر اضف الى أنني قدمت قصائد شعرية مصورة في رثاء شهداء الطائرة الاثيوبية وامهات الشهداء التي نفذت على تلفزيون المنار وهناك مجموعة من القصائد ستنفذ بهذه الطريقة كي نرمي الحجة على المتلقي


يرفض مقولة وجود أزمة في الشعر "المشكلة تكمن في الشعراء أنفسهم،وفي المجتمع،وهذا ما خفض مستواها الأدبي،ويترافق مع تراجع نسبة القراء والتحصيل الثقافي ومستوى المعرفي يدفع الى غياب القدرة على استعمال اللغة الشفافة،فهناك الكثير من حملة الشهادات ولكن لا يملكون ثقافة وهذه مشكلة بدأت تنسحب على النصوص المكتوبة والمسموعة، إذ أن الشعر الملقى يجد ازمة في فهمه، لذا تنشط لغة الارتجال السهلة التي تؤدي الى إخفاقات في التعبير الشعري،أضف الى ان الرواية.


"إذا ليست المشكلة في الشعر،بل فيمن ينصب نفسه شاعرا يقول معلم ويضيف "ليس كل من كتب خاطرة هو شاعرا،الشعر أعمق بكثر،وللأسف بدأنا أن الرواية اليوم تؤدي دور الشعر،فغالبا ما نكتب بلغة شعرية،سهله سلسة لا تُقيد الكاتب بأنظمة شعرية ،لذا نجدها اكثر رواجا،الا أنها لا تدخل في عمق الشعر،ولا يفته الاشارة الى "أننا في كفررمان نفتقد الروائين،ولكنني أقوم اليوم بكاتبه قصص قصيرة،لم أملك الجرأة لكتابة رواية لأن تجربتي مع الكتابة النثرية والادبية متواضعة، حين تسأله كيف يمكن ترميم الصورة الشعرية في كفررمان ماذا تتطلب وما المطلوب يقول:"علينا أن نفكر بنشاط كفررماني دائم،وإقامة ملتقي ثقافي مع مكتبة عامة وسهرات ثقافية متنوعة التي نفتقدها الى حد ما في كفررمان


نبذة: جميل معلم مواليد كفررمان 1975،متأهل وله ولدان،حائز على على إجازة في الأدب العربي ودبلوم وكفاءة في تعليم الادب العربي وفي طور انهار الماجستير وإعداد رسالة الدكتوراه،على مستوى المسيرة الادبية أحلامي كبيرة ومن الصعوبات التي نواجهها أننا في عصر الفكر التجاري الذي طغى على الكلمة.






ليست هناك تعليقات: