29‏/1‏/2011

رسُام الكلمة،بلوحة كفررمان

ترتعش الكلمات في جدار ذاكرته فتثور..تنتفض..تخرج قصيدة مرصعة بألوان كفررمان،وحركة الحياة الثقافية،ومؤشر النهضة الشعرية،هي صورة محمد معلم،المائلة نحو زهرة الحياة التي رسمها بريشة الكلمات،ثم نحتها بصخر الرمل،ليحط به الرحال في مطار كلمة،ولدت عند حضن أمٍ يشتاق اليها،فيصورها لوحة شعرية تحمله على جناح طائر الحياة اليها ..تعيده عابقا بأريج زهرة البيلسان..ينتفض قلمه مجددا ليثور ضد انحدار الكلمة وارتهان الثقافة للتكنولوجيا..تسكت إنتفاضته ليقول "معجم الكلمات لا يتوقف عند كلمة،والكلمة حين يصل مداها فإنها تتحدى اضطهادها وإهمالها" ..

عام 1975 أبصر محمد معلم النور في كفررمان،وإقترنت طفولته بالريشة التي كان يرسم بها صورة حياته فاعجب به المدرس وادخله في مسابقة اجمل لوحة واقعية،"فازت لوحتي التي جسدت الدمار والحرب بأفضل لوحة"،سرعان ما تحول لحفر مشاعره المكتظة بالأحاسيس نحو الكتابة التي كانت طفولية خاطرية "كتبت الخواطر بداية،ثو ابتكرنا مجلة حائط في المدرسة،دوًنا عليها كتاباتنا ونشاطات المدرسة،ولكن الاحداث الامنية في ذاك الوقت حالت دون متابعتها"

في المرحلة الثانوية برزت موهبة محمد معلم الشعرية"لقد لمس استاذ مادة الادب قدرة شعرية داخلي،فشجعني وذهب الى تعزيز من قدرتي وثقتي للكتابة،وأكثر كان يخصص ساعة كل اسبوعين لمناقشة قصيدة من قصائدي،وتحليلها من قبل الطلبة ليزيدني ثقة واندفاع،أضف الى انني ملكت "ملكة"الشعر التي عززتها بالمطالعة الكثيفة التي بدأتها مذ كنت صغيرا جدا،أضف الى أنني واكبت على غحياء وحضور الامسيات الشعرية،ونشات بيني وبين الكلمة علاقة غرامية،حتى صرت انا الكلمة والكلمة انا".

"عذاب الصمت"،هو المجموعة الشعرية الاولى لمعلم "جسدت عذاب والدتي التي عانت الكثير من اصابتها بلغم اسرائيلي في العام 1986 "،خلّف وفاتها حزن كبير ترجمه معلم في كتاباته بل إقتبس من صبرها الكثير من الصور التي جسدها في قصائده بل ذهب الى تشبيه عذاباتها الصامتة بالشمعة التي تحترق وتتعذب لكي تنير للاخر دربه رغم اشتعالها وذوبانها

يعد معلم اول شاعر نشر مجموعة شعرية " كنت في السابعة عشر من العمر عندما نشرت أول مجموعة شعرية لي،"عذاب الصمت، لم يكن الامر سهلا ،ولكن ملكت جرأة النشر،كان هناك شعراء متواجدين يشاركون في الامسيات في كفررمان مثل عبد الله علي احمد والدكتور حسن نور الدين ولكنهم لم يكن في حوزتهم كتاب شعري،فالدكتور نور الدين كانت تقتصر منشوراته على الدراسات الجامعية والابحاث والكتب اللغوية،ولكنه لم يصدر اي كتاب شعري،وبعدي بدأت تصدر الكتب الشعرية"

بعد عذاب الصمت،كان "نبض القيامة " الذي شكل مرحلة انتقالية في حياته الشعرية،ثم ولدت"كأنك الغيم" الذي يعتبر الانطلاقة الحقيقية والرسمية على مستوى الدراسة،لأنه كما يقول " كنت قد انهيت الدراسة الجامعية،وتجربتي الشعرية اصبحت ناضجة،ومخضرمة ومتطورة"يتحضر معلم لإصدار مجموعتة الشعرية الجديدة،وطبعا للنثر حضور بين طيات كتابته والذي أبى الا أن يسميه النثر الوجداني، فكان له "اول الغيث "،عبارة عن نصوص نثرية ،تقوم على الوصف والتأملات الوجدانية،والى جانب الشعر والنثر يملك مشاركات في سلسلة الكتب المدرسية منها المحيط في اللغة العربية عن دار الفكر اللبناني لتعليم اللغة العربية للمرحلة المتوسطة

الشعر بالنسبة الى معلم كمقياس ريختر يرصد كل ذبذبات المشاعر والقضايا فتولد هزة هي القصيدة التي تلم بالسياسة والحب والثقافة إذ يقول معلم "الشاعر يجب ان يتأثر بكل هزة شعورية تمر في حياته والزلال هو القصيدة التي تهز جسمه من كيانه واعماقه وهذا ما يميز الشاعر عن غيره من الناس،لانه يرصد أحوال الثقافة بالمقياس"

يخط معلم شعره بطريقته الخاصة التي تشبه أفكاره وتصل بسلاسة الى القارىء،أسلوب إبتدعه لنفسه ميزه عن غيره،وخلق حالة خاصة به،ولكنه جيّر كل كلمة يخطها لخدمة القضية والوطن والحالة المعاشة،فالعديد من قصائده نفذت تلفزيونيا" أطمح لكي أخلد الكلمة،لكي تتعزز مكانه القراءة أكثر بين جيل اليوم،للأسف نحن أمام واقع لا مكان للقراء داخله،بالكاد يقرأ هذا الجيل وهذا مخيف،مضاف اليها،إرتفاع نسبة الشعراء وإنخفاض مستوى الشعر، لا ينكر معلم ثراء الواقع بالكتب الشعرية والشعراء ولكنه يقول"ليس كل ما يكتب هو شعر،وليس كل ما يوّصغ نفسه شاعرا هو شاعر،لقد سقط الشعر في شرك الأضواء الزائفة،اذ نجد اشخاص وكتب يسلط عليها الاضواء وهي لا تستحق،فيما هناك كتب وشعراء مدفونين وينبغي الإضاءه عليهم،للأسف هناك انحدار كبير له" يحز بنفسه تضاءل نسبة القراءة في مجتمع وصم أنه مثقف"كيف يعقل أن نصل الى نسبة مطالعة لا تتعد نصف صفحة بالسنة،هذه مصيبة المصائب،فأي مجتمع سنخلد،وأي مستقبل ينتظرنا،جل ما يخشاه هومسألة استشراس الانترنت في المنازل وحلوله كضيف ثقيل وإعتماده رافد غنى معرفي عند ابناءنا ،وهذا ما دفع بالكلمة لتنحرف عن مسارها من هنا نحن امام جيل فارغا

سرعان ما يصوب معلم المسار ليقول "كفررمان خصبة بالشعراء والمثقفين من الذين يملكون "لملكة" إذ وجدنا من كتب الزجل العامي،وبالفصحى شعرا والذي لم يكتب برزت موهبته بالتمثيل والرسم والتصوير "كل نواحي الابداع متوفرة في كفررمان لان المعاناة تنتج ابداعا أضف الى انه الكفررماني كان يتبادل التآويل والرادودة والمموايل خلال الحقل"





ليست هناك تعليقات: